كلنا نرتكب الأخطاء.. رجاءً توقف عن جلد ذاتك
كلنا نرتكب الأخطاء.. رجاءً توقف عن جلد ذاتك
في هذه الحياة السعيدة بلا اكتمال، والكئيبة بلا استمرار، كلنا بلا استثناء نتعرض للأذى بين الفينة والأخرى وربما يعتبر هذا أهم جزء مسئول عن توحيد إنسانيتنا المشتركة.
لكننا أحيانا نأخذ هذا الألم الناتج عن الأذى بمستوى عميق جدا، ونبدأ بلوم أنفسنا عليه. فبدلاً من النظر إليه كشيء يتشارك فيه كل البشر، نأخذ كل شاردة وواردة بشكل شخصي وكأن كل العوارض التي تحدث وتتصادم معنا هي خطئنا وحدنا فقط.

يمكن أن يظهر هذا الشعور في حياتنا بعدة طرق:
* شعور بالخجل من جراحاتنا.
* الحكم على ما نتعرض له من ألم.
* إلقاء اللوم على أنفسنا لكوننا تصرفنا ربما بحساسية زائدة.
* توارد بعض الأفكار الملحة التي تجلد الذات بسياط الدين بشكل عقابي. مثلًا بأن تحدث نفسك إذا كنت روحاني أو متدين أكثر كنت ربما لن أصاب بهذا الأذى.
* قد نكره أوزاننا والزائدة أو أجسادنا لأننا لم نستطع التعامل مع الطعام والنتيجة التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة بحكمة، وهذا ربما من أشد أنوع لوم الذات.
* نلوم أنفسنا على حالنا وظروفنا، وعلى التجارب المبكرة التي شكلت ذواتنا الحاضرة.
* ننصب لأنفسنا المحاكم والمشانق اذا لم نتمكن من القيام بالأعمال الحالية على أفضل وجهه.
ولمواجهة كل هذا نقوم بشكل تلقائي بتطوير استراتيجيات دفاعية قد لا تكون صائبة. مثل الاستمرار بالمكابرة وكتمان الألم الداخلي، الابتعاد عن الاحتكاك بكل ما قد سبب لنا أي جرح في الماضي، طلب المزيد من الكمال والمغالاة في انتقاد تصرفاتنا. وبالطبع، فإن استراتيجيات التكيف هذه قد لا تكون فعاله على الإطلاق بل أنها ربما تزيد الموقف ظلامًا والعقل انتكاسًا.
لذلك قد تصل عزيزي القارئ إلى نقطة حاسمة ترغب فيها بتغير الأمر برمته، إذا كنت تقرأ هذه المقالة ، فأظن أنك في المكان الصحيح.
من أين ينشأ جلد الذات

أستطيع أن أعزو هذا الأمر لسببين يقفان دائما خلف اليد الطولى التي تجلد أرواحنا بصمت.
السبب الأول: هو رغبتنا وسعينا للكمال المحال الذي لن يتحقق فكل شي بشري محكوم بالنقصان.
السبب الثاني: الاعتقاد بأن ذلك خطأي، وأنني سيء، وهذا هو السبب في أن الأمور السيئة تحدث لي وحدي فقط وبشكل مستمر. وللأسف، أحيانًا ما تنقل هذه الرسالة إلينا من أسرنا، أصدقائنا وربما ممن نحب.
ثم الإحباط المعيق وبداية الهجوم

عندما لا تعمل أشياء كثيرة في حياتنا بشكل صحيح، يبدأ الإحباط في قرع طبوله المزعجة بقوة حينها سنبحث عن سبب يقف خلف كل هذه الانتكاسات وسنبحث عن تبريرين لا ثالث لهما، فإما أن نهاجم الآخرين أو نهاجم أنفسنا وهي الأقرب وبالتالي تبدأ شرارة الحرب وجلد الذات.
أشكال وصور مختلفة لهذه الحرب:
* بداية إلقاء اللوم. فعند مرحلة ما في اللاوعي نصل إلى قناعة راسخة أننا سيؤون حتى أن ارتكب الآخرون أخطاء لم تكن جريرتنا.
* الشراهة أو الإفراط في تناول الطعام، حيث يعد هذا شكلاً من أشكال الهجوم الذاتي.
* أي سلوك إدماني عقابي.
* الإيذاء النفسي والبدني، أو نعت نفسك ب وصوف وأسماء غير محببة.
* قد تتمنى أن تنتهي حياتك الآن أو تردد في خلجات نفسك: “أتمنى لو لم أكن قد ولدت من الأساس!”
مواقف لا يجب أن تلم نفسك عليها مطلقا
أن تتعرض للرفض من شخص آخر

ليس خطأك بالمرة أن شخصًا ما لم يحبك أو لم يتقبل مواقفك السياسية أو الطريقة التي تعبر بها عن نفسك أو حتى سخر من المواهب التي تمتلكها وتظن أنت أنها تميزك. هذه مشكلته هو وحده وليست مشكلتك. الأشخاص المناسبون ستجدهم في الوقت المناسب وسيقبلونك بل وسيحبون كل تفصيله فيك.
الإخفاقات الصغيرة

بل وحتى الفشل الذريع أيضًا لا يستحق أن تلوم نفسك عليه، نحن بشر نعلم أن الأخطاء مزروعة في طبيعتنا حتى النخاع. هل تظن أن العالم سيقف ليشاهد أو يراقب تلك الغلطة الخطيرة التي ارتكبتها والتي لن تتكرر!! لا تقلق فهي ستتكرر بشكل ممل وربما يجب بالمقابل أن نشعر بالامتنان لهذا الكون الذي يتحمل كل هذا القدر من الرتابة والملل.
حياة الآخرين وظروفهم

لا تقارن قصتك الخاصة بقصة شخص آخر ولا تلم نفسك على قدر هاجمك وحدك وترك الطريق فسيحا وسيعا أمام آخرين، فهذه أمور نسبية تماما، ما سيفجعك اليوم سيبتسم لغيرك وستدور الدائرة على الجميع.
تقديم نفسك على الآخرين

العلاقة بينك وبين قلبك وعقلك وروحك هي أهم علاقة يمكن أن تملكها. فلا حرج في أن تثمن هذه العلاقة وتقدمها على أي شخص ولا تفكر أنك بهذا قد أصبحت أنانيًا كل ما في الأمر أنها مسألة أولويات لا أكثر.
أحداث ووقائع الماضي

اجترار الماضي يشبه الاستيقاظ كل صباح وارتداء ملابس تعود إلى عصور القرون الوسطى مما يجعلك فقط مثيرا لدهشة والاستغراب بل ربما للسخرية. لماذا تحمل قلبك وعقلك بخطوب انتهت وتبخرت وأنت بالمقابل تملك خيرا آخر لتتقدم نحو الأمام.
التعافي من جلد الذات
هنا خطوات عمليه ستساعدك حتما في التخلص من هذا الكابوس المزعج. تذكر دائما انك على الأقل أفضل من 100 ألف شخص يعيشون الآن على وجهه هذا الكوكب ومهما بلغت حجم إخفاقاتك وألمك فأنها لن تأخذ حتى أقل 1000 جزء من الثانية لتتبخر عبر ثقب الأوزون وتُنسى كأنها لم تكن. فقط حاول أن تُلزم نفسك ببعض هذه الحلول:
ساعد الآخرين

لا شك في أن لديك العديد من المواهب المدفونة، لكن إذا قضيت يومك محاطا بنفسك، فلن ينتهي بك الأمر إلى استخدامها.
استخدم خبراتك لمساعدة الآخرين وتقديم الدعم لمجتمعك. سوف تجد نفسك تبحر بعيدًا عن الأخطاء التي اقترفتها والتي تحاصرك الآن. انخرط في الأعمال الخيرية، تطوع فالتطوع يعتبر طريقة رائعة للحصول على رؤية أوسع لكل ما حولك وتوقف عن التقوقع حول نفسك.
توقف عن النقد

إذا كنت تنتقد نفسك، فمن المحتمل أنك تنتقد الآخرين أيضًا، ربما دون أن تدرك ذلك. الحكم على الآخرين هو مضيعة للوقت الخاص بك الذي كان من الممكن أن تقضيه في تحسين وتطوير نفسك بطريقة ما.
بدلاً من الحكم على الآخرين، ابحث عن الخير في كل شخص تقابله. حاول أن ترى الأشياء من وجهة نظرهم. علاوة على ذلك ، فإن أولئك الذين يحكمون على الآخرين يعتقدون أن الآخرين يحكمون عليهم أيضًا. تخلى عن فكرة أن الجميع يقيمون تصرفاتك، وستتمكن من الاستمتاع بحياتك على أكمل وجه.
سامح نفسك والآخرون

في الحقيقة ربما تكون هذه الخطوة هي الأصعب بين مثيلاتها، ولكن لن دعي المثالية هنا ولن أطلب منك أن تغمض عينيك وتفتحهما ثم تنسى كل الإساءة التي تعرضت لها. ما اطلبه هنا هو أن تحاول فقط. أن تنتهي أعمارنا على هذه الأرض ونحن نحاول خير من أن تبقى المواقف ببصماتها الداكنة عالقة على أرواحنا ونترك المجال للأيام أن تحفر ذكراها بشكل أعمق.
تعلم وامضِ قدما

تعامل مع التجربة كنقطة انطلاق، لا تتوقف وتصبح راكدا. أيضا تذكر دائما إذا لم يرتكب أحد منا أي خطأ، فلن يتمكن من تحسين نفسه أبدًا. لا يجب أن يضع الخطأ الذي ارتكبته نقطة النهاية. استمر في رحلتك متسلحًا بالمعرفة التي تعلمتها خلال أصعب اللحظات.
شاهد هذا الفيديو:
ختامًا.. عندما تسمع الجملة المكررة “كل بني آدم خطاء” ربما تشعر أنها كلمات مستهلكة فكل أصحاب قصص النجاح الملهمة لابد أنهم يعرفون كيف تُنجز الأمور بالشكل الصحيح ولم نرى مواطن الخطأ والزلل فيهم. هذا بالتأكيد ليس دقيقا وإنما مغالطة لضمائرنا، الفرق هو أن الناجحين قد توقفوا عن لوم أنفسهم بسبب تلك الأخطاء التي لم تعد تُذكر مقابل ما قد أنجزوه الآن وحققوه. وهذا ما يجب عليك عمله فورا وبلا تأجيل، أن ترسم خطط نجاحك وتذكر أن كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين المتعلمون والمتجاوزون.
The post كلنا نرتكب الأخطاء.. رجاءً توقف عن جلد ذاتك appeared first on أراجيك.
المصدر : اراجيك
ليست هناك تعليقات