وزارة الثقافة وطباعة 100 كتاب.. آمال بين يدي هذا المشروع
وزارة الثقافة وطباعة 100 كتاب.. آمال بين يدي هذا المشروع
كان اختيار صنعاء عاصمة للثقافة العربية عام 2004 حدثا مهما في تاريخ الثقافة اليمنية، والأهميّة لا تعود لهذا الاختيار فحسب؛ وإنما لتلك الجهود التي بذلتها وزارة الثقافة ممثلة بوزريها المثقف الأستاذ خالد عبدالله الرويشان للوقوف عند مستوى هذا الحدث، وتجسيده على الواقع منجزات ثقافية، تمثل إضافات مهمة للثقافة العربية بوجه عام واليمنية بشكل خاص.
ولعل أهم ما في هذا المنجز تلك الإصدارات التي جعلت من هذا العام استثنائيا في تاريخ الكتاب اليمني، حيث صدر في هذا العام أضعاف أضعاف ما أصدرته المؤسسة الثقافية الرسمية في اليمن خلال اثنين وأربعين عاما، في تجربة فريدة جديرة بالتأمل والاحتفاء في آن.
ولعل أهمَّ ما يميّز هذه الإصدارات أنّها وضعت خارطة معرفية لما ينبغي إصداره من ذخائر الثقافة اليمنية، فشملت التاريخ، ممثلا في كتب عديدة كالإكليل للهمداني، والمفيد لعمارة اليمني والتاريخ العام لليمن لمحمد يحيى الحداد، وشملت الفكر ممثلا بكتب عديدة ككتب الحكيمي والكتب الفكرية للزبيري وغيرهم.
كما أتاحت هذه التجربة وصول كثير من الأبحاث الأكاديمية إلى دائرة النور: في الفكر والفقه، والأدب، والتاريخ، والتربية، ، ووقف أكاديميو اليمن لأول مرة أمام جهة رسمية تتبنى طباعة أبحاثهم، وتقدمها للقارئ العربي في ثوب قشيب وطباعة فاخرة.
والأهم من ذلك أنّها أخرجت إلى النور أعمالا أدبية مهمة كانت في حكم الضائع مثل ديوان لطفي جعفر أمام، وديوان صالح الحامد، وديوان إدريس حنبلة، كما أعادت إصدار دواوين عمالقة القصيدة في اليمن كالمقالح والبردوني والشرفي وغيرهم.
وفي هذا الإطار فتحت هذه التجربة الباب على مصراعية أمام كل المواهب الأدبية الشابة شعرا وسردا، فطبعت مجموعات شعرية وسردية كثيرة، لكل الشعراء الذين طرقوا باب الوزارة، وتمّ كل ذللك تحت مظلة الثقافة وحدها، وبعيدا عن الفرز السياسي والفكري.
معالم هذه التجربة الفريدة جديرة بأن تتمثلها وزارة الثقافة اليوم ممثلة بوزيرها الشاب المثقف مروان دمّاج في مشروعها الجاري الذي يتبنى إصدار مئة كتاب ظهر منها حتى الآن ما يزيد عن عشرة إصدارات، إذ لا بدَّ لدمّاج أن يكمّل مشوار الرويشان، وأن يعمل ما تأتى له في إنجاح هذا المشروع، وتسييره نحو بوصلة الثقافة وحسب، وأن يكون قائما على خارطة نشرية تحتوي على أهم العناوين التي ينبغي الالتفات إليها، في مختلف المجالات الفكرية: في التاريخ، والسياسة، والفكر، والأدب والفن.
دواوين عديدة لشعراء يمنيين من مختلف العصور ينبغي أن ترى النور، ومن هؤلاء الشعراء: أبو بكر بن دعاس، وعلي بن القم، وأبو بكر العندي، وأبو بكر بن شهاب، وإسماعيل المقري، وزيد الموشكي، والقاضي عبدالرحمن الإرياني، وعبدالله فاضل فارع، وغيرهم.. كما أنَّ هناك جزءا كبيرا من شعر عبدالله عبدالوهاب نعمان لا يزال مخطوطات مع ورثته، وينبغي أن يكتمل هذا الشاعر العظيم بإصدار ما تبقى من شعره.
كما أن هناك مجموعة شعرية للبردوني ذُكرت كثيرا في قائمة إصداراته لكنها لم تر النور بعد، والتي تحمل عنوان (رحلة ابن شاب قرناها).. وطباعة هذه المجموعة سيكون أنجازا كبيرا، ووفاء جميل للبردوني من جهة ولقرائه من جهة أخرى.
وفي المجال الفكري هناك أعمال مخطوطة للأديب الكبير علي أحمد باكثير وهي متوفرة لدى الأديب السعودي محمد أبو بكر حميد، وأخرى للراحل البردوني، وخاصة تلك التي كان ينشرها أسبوعيا في صحيفة الثورة، ومن الممكن جمعها وإصدارها في كتاب.
وثمّة كتاب صدر في عدن قبل عقود وهو كتاب فريد في النقد مثّل بواكير النقد اليمني الحديث، وكان صاحبه حديث الساعة لدى الشعراء في عدن خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وكان أدباء عدن في ذلك الوقت يعتبرون كتابته عنهم بمثابة اعتراف بأدبيتهم، ألا وهو كتاب (نظرات في الأدب والحياة) للأستاذ عبدالرحمن الأهدل رحمه الله.
وتأتي أهمية هذا الكتاب في أنه يمثل رصدا للتحولات الأدبية والفكرية التي كانت تعتمل في المشهد الفكري والثقافي في ثغر عدن، حاضرة الإبداع آنذاك، على يد شعراء كثيرين، أمثال محمد سعيد جرادة، ومحمد عبده غانم، وعبدالله العكبري، وعلي محمد لقمان، وغيرهم.
هذه أفكارٌ عجلى نضعها بين يدي هذا المشروع العملاق، في إشارة إلى أنَّه مشروع هام ومفصلي في تاريخ الكتاب اليمني، خاصة في هذه الفترة الحرجة التي يعيش فيها الكتاب منفى بائسا وغربة خانقة، مؤكدين أن ما بأيدينا من فكر وثقافة منجز عظيم، وبقليل من التعب والاستقصاء يمكن أن نختار منه نماذج في غاية الروعة والجمال
المصدر :الصحوة نت
ليست هناك تعليقات