عزيز نيسين : أيقونة الكوميديا السوداء في الأدب التركي!
عزيز نيسين : أيقونة الكوميديا السوداء في الأدب التركي!
تكمن العادة أن لا يحب طلاب المدارس دروس القراءة والمطالعة الموجودة لديهم، فمن هو الذي يحب كتاباً مجبر عليه ومطالب بامتحانه، ولكن لكل قاعدة استثناء، فأنا لازلت أذكر ذلك الدرس في مرحلة الإعدادية، والذي كان مقتطفات من كتاب لكاتب يدعى ” عزيز نيسين “، ذلك الدرس الذي يجمع بين الواقع والفكاهة، كان الوحيد الذي قمت بدراسته باستمتاع ولم أشعر معه بالوقت، لاكتشف بعد فترة طويلة أن ذلك الكتاب هو لكاتب تركي مشهور، بل هو من أفضل المؤلفين في تركيا، التي امتازت كتبه بما يعرف بالكوميديا السوداء.

ولد عزيز نيسين عام 1915 وتوفي في سنة 1995، واسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين، وهو تركي عرف باسم عزيز نيسن كإسم مستعار وذلك من أجل حماية نفسه من مطاردات الأمن السياسي التركي، جراء كتبه وأفكاره التي كان يطلقها في العلن، ولكن ذلك لم يقيه من دخول السجن عدة مرات، فكتاباته جعلته جائعًا، مشردًا مبتعدًا أغلب الوقت عن عائلته، فقد عانى كثيرًا بسبب معتقداته.
لدى عزيز نيسن موسوعة من الأعمال العملاقة الجميلة، التي تتأرجح بين عدة تصنيفات، فقد كتب في الكوميديا السوداء، وكتب عن التغيير والثورة، كتب عن أمه ومقدار تأثيرها على حياته، وكتب عن الواقع، ومن أبرز أعماله كانت ما يلي:
الفهلوي (زوبك)

من الكتب المشهورة لعزيز، والتي تحكي واقعنا وتمسه بشكل كبير، ففي هذه الرواية يحكي عن شخصية تدعى “زوبك” وهو شخص محتال ومكشوف أمام العامة بأنه أكبر محتال في المنطقة، إلا أن ذلك لم يكن حاجزاً كافياً لتقرب الناس منه والأخذ بنصائحه مع علمهم التام بأنه سينصب عليهم، وبالرغم من ذلك رشحوه لمجلس النواب.
تعد الرواية رائعة كوميدية، إلا أنها تحكي حال السياسيين في كل دول العالم المتخلفة، وكيف يستلم مثل هؤلاء المناصب الكبيرة، وكيف يقوم عامة الشعب بانتخابهم بالرغم من ذلك، وكيف يتفشى الفساد بوجودهم.
مجنون على السطح

عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة والتي توصف يأنها أحد أفضل كتب الأدب الساخر، يحكي مواقف اجتماعية وتناقضات لشخصيات كثيرة، ولكن بأسلوب رائع وشيق.
من أبرز القصص كانت: يحيا الوطن، بيتنا، الجائزة الكبرى، أنا لا أتدخل، الفئران بعضهم يأكل بعضاً، كيف قبض على حمدي الفيل، حيث لاقت القصتان الأخيرتان نقد لاذع للفساد القائم في الدولة التركية.
الحمار الميت

لم يفلت عزيز نيسين الواقع الأسود من يديه مرة أخرى، وبشكل جديد و (غريب) يناقش قصة حمار ميت يبعث رسائل من العالم الأخر إلى صديقته الذبابة، ليحكي لها كيف مات وماذا جرى معه من لحظة وفاته مروراً بالمشفى من ثم المقبرة والعالم الآخر، وبالطبع بطريقته المعتادة ألا وهي السخرية، على الرغم من كمية الضحك الذي سيغمرك وأنت تقلب صفحات الرواية، إلا أنك ستجد مرارة الواقع بين سطورها.
الطريق الوحيد

تروي هذه الرواية قصة “باشزادة” الكسول، والضعيف، كان دوماً يبحث عن أقصر طريق لتحقيق أهدافه، والذي هو “الاحتيال” تحت حجة “ضحية الوطن” وأن على الوطن تأمين جميع احتياجاته، صحيح أنه أخطأ كثيراً إلا أنه تعرض لعقوبات أكبر من جرائمه بكثير.
على كل، لم يجبره أحد لأتخاذ هذا الطريق، فهو يريد كل شيء جاهز أمامه، لم يتعب كثيراً كغيره من الناس من أجل تأمين لقمة عيشه، هو فقط لجأ للاحتيال على الناس، وبذلك لن تستطيع أن تحبه أبداً ولن تستطيع في نفس الوقت أن تكرهه كل الكره، فهو مظلوم وظالم معاً.
يحيى يعيش ولا يحيى

يظن أغلب من قرأ هذه الرواية أن من الصعب نسيان شخصية “يشار يشامز” بكل تلك المصائب التي مر بها منذ خلقته وحتى خروجه من السجن، فهي رواية تحكي بجانب قصة الشخصية عن السجون التركية، ماذا يحدث في أكثر الأماكن سوداوية في العالم، وعن النفاق الاجتماعي، والتفاوت الطبقي، وعن البيروقراطية المتغلغلة بالحكومة التركية، وكيف عانى “يشار” مع حكومته ومن المسؤولين ليصل الحال به إلى السجن.
آه منا… نحن معشر الحمير

من أشهر ما كتب عزيز نيسين ، ومن أكثر الكتب أيضاً التي لاقت آراء متناقضة بين السلبية و الإيجابية، فمنه من يراه مجرد قصص فكاهية بلا معنى، ومنه من رآه كتاب عبقري يحتوي العديد من المواضيع الذكية والكلمات المفتاحية التي تلمح عن مدى غباء المواطن ولومه الدائم للقدر، والشكوى في أمور يستطيع تغييرها لو أراد، فهم مستسلمين للقيود الوهمية ناتجة عن الخوف والطمع والإنانية، فكلهم ينتظرون معجزة ما تحل أمورهم دون أن يتحدوا ويكوّنوا المعجزة التي ستغير حالهم من حال إلى حال.
وأخيرًا، هل قرأت من قبل للكاتب عزيز نيسين ؟ إن كان جوابك لا فشاركنا بالكتاب الذي ستبدأ به، أما إذا كنت قرأت له من قبل فما رأيك به؟
The post عزيز نيسين : أيقونة الكوميديا السوداء في الأدب التركي! appeared first on أراجيك.
المصدر : اراجيك
ليست هناك تعليقات