خطيب عرفة: الشريعة تنهى عن تأجيج الصراعات وتغذية الإرهاب والإفساد في الأرض
خطيب عرفة: الشريعة تنهى عن تأجيج الصراعات وتغذية الإرهاب والإفساد في الأرض
توافد حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات اليوم لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً؛ اقتداءً بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة، وسط منظومة من الإجراءات الصحية والتدابير الوقائية والخدمات المتكاملة التي هيأتها حكومة خادم الحرمين الشريفين ليؤدي ضيوف الرحمن مناسكهم بسلام آمنين.
وأخذ ضيوف الرحمن أماكنهم مع الالتزام بالتباعد المكاني في المسجد الذي تبلغ مساحته (110) آلاف متر مربع .
وألقى عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي السعودي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع، قال فيها "إن الحياة الدنيا لا تسلم من المصائب ولذا أمركم الله بالصبر، وأن هذه المصائب تجعل العبد يتذكر النعم الكثيرة والخيرات الوفيرة التي وهبها الله للإنسان كما قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم).
وأكد الشيخ المنيع أن هذه المصائب تذكر الناس بالآخرة، وتجعلهم يستعدون للجنة التي لا مصائب فيها ولا أحزان كما قال تعالى (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)، وكما قال تعالى (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون)، مبينًا أنه بهذه المصائب يحصل اختبار العباد والتمييز بين أهل الصبر وأهل الجزع قال تعالى (ونبولكم بالشر والخير فتنه وإلينا ترجعون).
وقال الشيخ عبدالله المنيع إن الشريعة جاءت بإجراءات توصل إلى سلامة البلاد والعباد واستقرارهم وتمكنهم من أداء مهامهم وأعمالهم، كما جاءت بحفظ الحقوق وصيانة الدماء والأموال، وحرّمت الاعتداء والإيذاء للآخرين، ومنعت من تأجيج الصراعات، ومنعت تغذية الإرهاب، ونهت عن الإفساد في الأرض، وأمرت بالابتعاد عن مسببات الفتن، وأكدت على عدم الاستجابة للأعداء المتربصين، وأمرت بالالتزام بالأنظمة وبطاعة ولاة الأمور في غير معصية، وأمرت بالعدل وتحقيق المصالح ودرء المفاسد، وأمرت بالصلح والإصلاح، قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، وقال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).
وأردف: " أما في الجانب الطبي فقد جاءت الشريعة بتوجيهات تؤدي إلى حفظ الصحة وسلامة الأبدان، فمن ذلك أن أمرت بالطهارة والنظافة، وأمرت بالمحافظة على البيئة نقية طاهرة ، وأباحت طيب الطعام ، ونهت عن المضر منه، وشرعت طرائق لحماية المجتمعات من انتشار الأمراض والأوبئة.
وتابع قائلًا: "وانطلاقاً من هذا الحديث النبوي الكريم الذي يمنع من التنقل في أوقات الأوبئة والأمراض سريعة الانتقال شديدة العدوى، جاء القرار الحكيم من حكومة المملكة العربية السعودية بإقامة شعيرة حج هذا العام بأعداد محدودة، من الموجودين داخل المملكة من مختلف الجنسيات، حرصاً على إقامة الشعيرة بشكل صحي يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي لضمان سلامة الإنسان وحمايته من أسباب الجائحة وتحقيقاً لمقاصد الشريعة في حفظ النفس البشرية ـ بإذن الله.
وشكر الدور الإيجابي للمسلمين كافة في التجاوب مع إجراءات الدولة لحمايتهم من تفشي هذا الوباء باتخاذ الإجراءات المؤدية إلى حماية مكة والمدينة، وقال : فجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ورجال دولتهم خير الجزاء على ما يبذلونه في خدمة الحرمين الشريفين وحمياتهما والبذل لهما، سائلًا الله أن يبارك في جهودهم وأن يعظم ثوابهم وأن يكفيهم شر كل من أراد بهم سوءاً.
وأبان معالي الشيخ عبدالله المنيع أن من أعظم ما تستجلب به الخيرات والنعم وتُدرأ به المصائب دعاء الله تعالى، فقد وعد الداعين بإجابة دعواتهم كما قال تعالى (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) وقال تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)، حاثًا المسلمين على دعاء الله بتضرع وإخلاص وأن يكونوا موقنين بالإجابة وأن يؤمنوا على دعاء غيرهم.
وسأل الشيخ المنيع الله في ختام خطبته أن يرفع الوباء ويشف المرضى ويمكن الباحثين والعاملين بمجال الأمراض والطب من اكتشاف أدوية الأمراض وعلاجات ولقاحات الأوبئة، كما سأل الله أن يسبغ على العباد نعمه وأن يغنهم بفضله، وأن يزرع المحبة والألفة بينهم ويجعلهم يتعاونون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، وأن ينشر الأمن والاستقرار بفضله وإحسانه.
المصدر :الصحوة نت
ليست هناك تعليقات