الألغام الحوثية.. موت خفي يحصد أرواح اليمنيين
الألغام الحوثية.. موت خفي يحصد أرواح اليمنيين
لا يمر يوم في اليمن دون وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي خلال حروبها المتواصلة وفي السنوات الثلاث الأخيرة قُتل حوالي 1400 يمني وأصيب أكثر من 4.5 مليون بإعاقة ناتجة عن انفجار لغم أرضي منذ 2020 بحسب المرصد اليمني للألغام.
وأكد المرصد إصابة مواطن يمني يوم الثلاثاء، 12 أكتوبر، جراء انفجار لغم أرضي أثناء عمله في مزرعة بمنطقة المدفون في مديرية نهم غرب محافظة صنعاء، وفي نفس اليوم أصيب 5 أشخاص عندما انفجر لغم لرضي لغم بسيارتهم في الطريق العام العامة في مديرية خب والشعف بمحافظة الجوف، بحسب المرصد، وقبل أيام قُتل خبير آخر في نزع الألغام يدعى إبراهيم الرحومي أثناء قيامه مع فريق هندسي بتفكيك شبكة ألغام زرعها الحوثيون في المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر.
فقدت قدمي
يوسف، أحد ضحايا الألغام في قرية التحيتا بالحديدة يقول " قبل ثلاث سنوات كنت في الثامنة عشرة من عمري عندما فقدت ساقي الإثنين. كنت أسوق دراجتي على الطريق الفرعي المؤدي إلى بيتنا، هذا كل ما أتذكره، قيل لي أن الحادث بسبب انفجار لغم مضاد للعربات. استيقظت بعد مرور عدة أيام في المستشفى، وأدركت تدريجيا أن الجزء الأسفل من جسدي كان خفيفاً على نحو يبعث على الاستغراب".
ويتابع يوسف قائلا:" عندما أدركت أنني فقدت ساقيَ، تملكني اليأس والخوف. الخوف من أن أصبح منبوذا. مكثت في المستشفى مدة اثني عشر شهراً. واستغرق الأمر سبعة أشهر قبل أن أستطيع الجلوس منتصباً في فراشي. وبعد ذلك بقيت في البيت جالساً على كرسي بالقرب من باب منزلنا, لا أقوم بأي شيء كل الناس يشعرون تجاهي بالأسى، ويعاملونني بشفقة، وهو شعور صعب للغاية".
فكرت في عائلتي
يعمل علي البالغ أربعة وخمسين سنة من العمر في رعي الاغنام في مديرية العبدية محافظة مأرب وسط البلاد، يقول للصحوة نت ": "قبل عامين كنت أرعى قطيعا من الخرفان والماعز عندما دست على لغم أرضي زرعته ميليشيا الحوثي عندما وقع الانفجار، لم أشعر بأي شيء بالرغم من أنني فقدت ساقي اليمنى. وبعد مرور بعض الوقت، جاء الناس لمساعدتي وحملوني إلى العيادة في مركز المديرية , لكن العلاج هناك لم يكن جيدا. وحملت في نهاية المطاف إلى مستشفى الثورة في المدينة، وأصيبت ساقي اليسرى بجروح بليغة، وتملكني شعور باليأس من أنني قد أفقد تلك الساق أيضا، وبالفعل أصيبت الساق بالغرغرينا وبُترت بعد خمسة عشر يوما. وأصبت بحالة من اليأس والحزن. وساورني قلق كبير إزاء كيفية الاعتناء بأسرتي، لدي ثلاثة أطفال، ولم أكن أعر ف كيف سأستطيع توفير الغذاء لهم وإعالتهم".
ويضيف:" تركت المستشفى بعد مضي خمسين يوما وحاولت الاستعانة بكرسي متحرك، لكن ذلك كان صعبا للغاية. وحصلت في الأخير على أطراف اصطناعية وتعلمت ببطء وثبات المشي مرة أخرى".
" في تلك الأيام استطعنا البقاء على قيد الحياة بمساعدة العائلة والأصدقاء الذين قدموا لنا الدعم وجمعوا الأموال لصالحنا. وبدأت أيضا أدرِّس الأطفال القرآن في بيتي، وكانت المدرسة الابتدائية المحلية تدفع لي أجرا زهيدا مقابل ذلك لم أكن أرغب في الحصول على الصدقة ولم أكن أرغب أن يشعر الناس بالأسى تجاهي. وكان من الأهمية بمكان بالنسبة لي أن أفعل الأشياء بنفسي"
تحذير دولي
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن وفي بيانه الصادر بتاريخ يوم 6 أكتوبر، قال إن الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون لا تزال تشكل خطرا جسيما ومتواصلا على المدنيين وأن 1424 شخصا قتلتهم ألغام الحوثيين منذ 2018، وشدد البيان على ضرورة بذل الكثير من المساعدات والموارد الدولية لدعم جهود إزالة الألغام في اليمن.
وحسب بيان للمركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الخامسة في الجيش، فقد أُتلفت 5 ألغام في عرض البحر، بعد يومٍ واحدٍ من نشْر الحوثيين قرابة 15 لغماً بحرياً في المياه الإقليمية اليمنية.
مناطق مأهولة
ومنذ ثمان سنوات من الحرب يعتمد الحوثيين بشكل كبير على الألغام بمختلف أنواعها مما يثير المخاوف والقلق وسط السكان، وحسب مشروع نزع الألغام التابع للأمم المتحدة الذي بدأ عمله في ديسمبر 2016، ويستمر حتى ديسمبر المقبل، فقد أكمل مسح وتطهير أكثر من 23 مليون متر مربع من الأراضي، بإزالة ما يقرب من 635,000 قطعة من الألغام، الا انه لايزال هناك الكثير من الألغام في مناطق واسعة من الأراضي في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك المناطق المأهولة بالسكان.
مأساة متجددة
وعلى الرغم مما تعلنه البرامج والمشاريع الأممية من جهود، في هذا الموضوع لا تزال معاناة اليمنيين مستمرة جراء الألغام التي زرعها الحوثيون في مناطق مختلفة، وبكميات كبيرة جداً، ووسائل بدائية وعشوائية وهو ما يهدد حياة السكان في ظل تزايد أعداد الضحايا المدنيين وغالبيتهم من النساء والأطفال.
المصدر :الصحوة نت
ليست هناك تعليقات